بما أن القهوة أصبحت جزء لا يتجزأ من يوم الإنسان، نجد أن الإقبال على تناولها في تزايد وفي كل وقت، لم يعد يقتصر تناولها في الصباح الباكر بل أيضاً تحلو مشاركة القهوة في الجلسات والمناسبات، ونرى المقاهي المخصصة لأنواع القهوة بمسمياتها المختلفة تستقبل
العملاء في أي وقت كلٌّ حسب ذوقه المفضل وحسب حاجته، لذا أصبح مذاق القهوة الفاخر لا يقاوم وشاع تناولها كلما شعر الشخص بأنه يحتاج إلى التركيز أو اليقظة أو حتى لمجرد الإستمتاع بالنكهات المفضلة.
– و يبقى السؤال الأكثر حيرة، ما الدافع من تناول القهوة لعدة مرات يومياً، هل هو أسلوب حياة أم يحتاجها الجسم فعلاً؟
تجد الكثيرين من الأشخاص عند مواجهة الصعوبات أو تجتاحهم العصبية فإنهم يتوجهوا مباشرة لتناول فنجان من القهوة ليحسن من حالتهم المزاجية ويكونوا في وضع الإنتباه والتركيز.
وهنا توضح البروفيسورة هيبونن: “يشرب الناس القهوة لأسباب مختلفة، مثل اصطحابها عندما يشعرون بالتعب، أو لأن طعمها جيد، أو ببساطة لأنها جزء من روتين حياتهم اليومية. ولكن ما لا ندركه هو أن الناس ينظمون لا شعورياً مستويات آمنة من الكافيين بناء على مدى ارتفاع ضغط الدم لديهم، وهذا على الأرجح نتيجة لآلية وراثية وقائية”.
كما وأضافت قائلة: “سواء كنا نشرب الكثير من القهوة، أو القليل، أو نتجنب الكافيين تماماً، فإن هذه الدراسة تظهر أن الجينات هي التي توجه قراراتنا لحماية صحة القلب لدينا. وإذا أخبرك جسمك بعدم شرب هذا الكوب الإضافي من القهوة، فمن المحتمل أن يكون هناك سبب لذلك. استمع إلى جسمك، فهو أكثر انسجاماً مع صحتك مما قد تعتقد”.
وبما أن القهوة تحتوي على مادة الكافيين التي تعد من المنبهات فإنه يعزز إطلاق النواقل العصبية المفيدة بما فيها الدوبامين والسيروتونين والنورادرينالين، لذا فإنها تعمل على زيادة نشاط الدماغ وتحفيز الذاكرة، ويمكن أن تُؤمِّن حماية الفرد من الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، بالإضافة إلى تقليل خطر الإصابة بالخرف والزهايمر.
و يمكن للقهوة كذلك أن تعكس التقاليد والموروث الثقافي للعديد من الدول، بحيث ترتبط بأسلوب حياة معين، فيعبر شرب القهوة عن القبول والصلح، وعدم شربها يعتبر رفضاً، وإضافة الهيل بكميات كبيرة للقهوة تعد رمزاً للكرم والمزاج الراقي، لذا تنتقل تلك العادات عبر الأجيال للحفاظ عليها كما في الأفراح ومجالس الصلح وتجمعات الأصدقاء وغيرها.
ويفضل تناول القهوة ساخنة كونها تحتوي على نسبة عالية من مضادات الأكسدة، كما وتشير نتائج بحث أمريكي إلى وجود مكونات في القهوة غير الكافيين، قد تعزز صحة الكبد، لذا نجد أن الجسم بحاجة إلى القهوة ولكن دون الإفراط في تناولها حيث يعد المعدل الطبيعي في اليوم من كوب إلى كوب ونصف من القهوة ويفضل منزوعة الكافيين لتأدية الغرض وتعزيز الإفادة المرجوة.
إذاً من خلال الأبحاث والدراسات التي أجرتها العديد من الهيئات الدولية اتضح أن دوافع تناول القهوة يحتمل كلا الوجهين بأن يكون أسلوب حياة وحسب التقاليد والثقافات الموروثة، وكذلك بأن يلبي احتياج الجسم لما لها من فوائد، ولكن دون الإفراط في تناولها حتى لا تأتي بنتائج عكسية تؤثر سلباً على صحة القلب والأعصاب.